يتجنب اليا ابو ماضي استخدام الرموز في قصيدته الطلاسم. حيث انه يتناول جميع المواقف الحساسة والتساؤلات عن الخالق والوجود والموت وغيره بطريقة مباشرة وصريحة مخاطباً العقل مباشرة بدلاً من استخدام الرموز للوصول الى جميع هذه الأفكار.
أرى أن الشاعر كان قد وفق في عرض وابراز أفكاره غير الاعتيادية نسبياً بالمقارنة مع الشعر العربي الذي كان متعارف عليه لدى القارئ العربي في زمن نشر القصيدة، اي خلال النصف الأول من القرن العشرين. حيث نرى انه كان موفقاً من خلال طريقة عرضه لهذه الافكار بحيث انه كان قد استخدم بنياناً وأسلوباً جديدن نوعا ما وذلك بالتزامن مع الافكار والقضايا الجيددة التي طرحت في القصيدة. أفكار الشاعر تناولت مجموعة من التساؤلات البشرية الخالدة في تاريخ الانسان. ونرى ان ايليا ابو ماضي كان قد كسر حاجز المحافظة واتباع اسلوب وبنيان الشعر العربي التقليدي والذي تتمثل ابياته في صدر وعجز، ونرى ان جميع الابيات تنتهي في قافية موحدة، حيث ان ابو ماضي كان اسلوباً يتمثل في سرد اربع ابيات تحتوي جميعها على تساؤلات وتنتهي بلازمة متككرة او ردة واحدة الا وهي "لست ادري". ومن الملاحظ ايضاُ ان كل اربع ابيات تتبع قافية خاصة بها ومختلفة عن باقي الاجزاء.
أفكار القصيدة كانت جريئة وجديدة نوعا ما ولذلك فان استخدام اسلوبا وبنيانا جديدين ما هو الا تأكيد على ضرورة التحرر من الاعراف التقليدية والثقافية ودعوة للتأمل والتفكر. ومن الممكن تفسير استخدام الشاعر لهذا البنيان والاسلوب لطرح افكاره بأنه يريد ان يوصل رسالة وهي ان استخدام التراث كوسيلة للتجدد هو مفتاح المعاصرة والتقدم بحيث انه لم يتخلى تماما عن تراث القصيدة العربية الاصيلة بل انه عدل منها واستخدم اسلوبه الخاص لخدمة افكاره الجديدة والخاصة به ايضا كشاعر. خير مثال على ذلك هو استخدامه للقافية التقليدية لكن بشكل مغاير تماما وخاص به.
من الممكن ايضا تفسير استخدام ابو ماضي لمثل هذا الاسلوب والبنيان من خلال النظر الى سيرته الشخصية والافكار المطروحة في قصائده الاخرى حيث نرى انه كان قد تأثر بشكل كبير باسلوب ونمط الحياة الغربية مما انعكس على اسلويه في الكتابة ايضا والخروج عن التقليدية وذلك ايضاً تاكيدا لهدفه نحو السعي الى اصلاح الفكر العربي المحافظ بالمقارنة مع نظيره الغربي في ذلك الوقت.
ونرى ايضا ان القصيدة تتكون من مقدمة طويلة واقسام منفصلة واليناء الشعري فيها يتألف من اربع ابيات ذات قافية مشتركة لكن القوافي تختلف من رباعية الى اخرى.
النغمة في القصيدة حزينة، متشائمة ومتسائلة تسير على نفس المنوال طوال القصيدة وتبعث على الشعور بعدم اليقين اتجاه الأمور المسلم بها والمتوارثة مثل قضايا الدين والموت وغيرها. جميع هذه التساؤلات موجهه الى القراء ايضاً وليست فقط للشاعر نفسه. حيث يحاولابو ماضي ايصال افكاره الى القراء بطريقه سلسة مباضرة من خلال تساؤلات واضحه. وضلك لأن من المعروف أن الأسئلة ترسخ بأذهان وقلوب القراء لمدة طويلة. اذ تعطي اغنية الفنان عبد الحليم حافظ بألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب النغمة الحقيقية للقصيدة عندما يكتشف عبد الحليم في فلم الخطايا بأنه لقيط ولا ينتمي الى العائلة التي احبها وعاش فيها كل هذه السنوات ويقول بحزن وألم:
ان قصيدة الطلاسم اصبحت جزء من الثقافة الشعبية العربية بفضل عبد الحليم ومحمد عبد الوهاب.
من خلال النظر الى الابيات في القصيدة، نرى ان صوتها او بالاصح جرسها يأتي من خلال الرباعيات المختلفة في مواضيعها. أما الأقسام فهي مختلفة، وتضع كل شيء في هذا الكون موضع التساؤل ثم تجاب هذه التساؤلات بلست أدري. وبسبب التكرار المستمر ل لست ادري يبقى صوتها مستمر في الاذهان والذاكرة مبيناً محدودية الأنسان وصغره امام المسائل الكبرى في الكون والحياة.. ونرى ايضاً ان وقع القصيدة على القارئ يأتي من خلال تذكيرهم بمواضيع مسلم بها من دون يقين او برهان في حياتهم كالفقر، الدين، الوجود، والغاية من الحياة. ونرى ايضاً ان تأثير صوت القصيدة على القارئ يتمثل ايضاً بوقع القصيدة المتهكم والمتسائلالذي يبحث عن اجابة لأسئلة دامت معلقة على ابواب التاريخ منذ بدأ الخليقة ولكن بلا اجوبة. من الممكن ايضاً القول بان حاجة الانسان الفطرية للتجدد والتميز والاطلاع أدت الى زيادة تأثير القصيدة على الناس في العالم العربي. ومن الممكن ايضا ان يكون القارئ العربي قد تماهى مع الشاعر في تساؤلاته لا وبل شاركه بعض افكاره واسئلته.
نستطيع أن نرى ان اشخصية الرئيسية في القصيدة هي اليا ابو ماضي نفسه. حيث انه يتكلم عن افكاره وبصوته هو، صوته الغارق في الشك وعدم اليقين. ان موضوع الشك هو موضوع قديم تداولته الملاحم القديمة مثل جلجامش والإلياذة وكذلك تم التطرق الى الشك في ثنيات الشعر العربي الكلاسيكي بصورة أقل. لقد تطرق أبو ماضي الى جميع هذه التساؤلات من خلال كلمات بسيطة وواضحه بعيداً عن البلاغة العربية.
يتناول ايليا العديد من القضايا ويطرح تساؤلات لا يعرف جوابها احد، ويحاول ان يناقش هذه التساؤلات مع نفسه اي بطريقه خاصه وليست عامة. بما معناه أن اي شخص اخر يستطيع الغرق في التفكير فيها. ونستطيع ان نرى ذلك في جميع انحاء القصيدة ومثال على ذلك حين يقول:
ونرى ايضا ان الصوت يخلق من خلال استخدام كلمات بسيطة واضحة بعيدة عن البلاغة العربية فبهذا فان وقع القصيدة يكون اقرب الى قلب القارئ. مثال على ذلك من المقتطف امامي
اللغه المستخدمة في القصيدة هي لغة بسيطة، والكلمات المستخدمة تعطي انطباع تساؤلي للقارء. هذه الكلمات تجعل القارء فضولي وضائع في بحر من التساؤلات التي في النهاية، لايوجد جواب لها. الكلمات المستخدمة هي كلمات جميلة وتخاطب العقل مباشرة مما يجعل القارء يغرق في التفكير ويبدء بالأستنتاج وربما التفكير الوصول الى جواب لجميع هذه التساؤلات.
من الملاحظ ان الشاعر لم يكثر من استخدام الرموز في القصيدة حيث انه على العكس، حاول ان يكون واضحا بأكبر شكل ممكن وهذا من الممكن ان يكون له تفسيرات عديدة. احدى هذه التفسيرات هيارادة الشاعر في جعل فكرته المحورية واضحة للقارئ وميسرة للفهم. ومن الممكن ايضا ان يكون السبب هو عدم قابلية الموضوع لاستخدام الرموز حيث ان سر الوجود والدين والغاية من الحياة هما ألغازاً من الأصل فكيف لحائر يبحث عن حلول لهذه الألغاز أن يستخدم رموزاً! فإن اسخدم رموزاً في الواقع لا يضيف الى الطلاسم الا مزيدأ من الغموض والتشويش. من الممكن ايضاً ان يكون الشاعر قد استخدم رموز ولكن هذه الرموز متعارف عليها لدى الانسان بشكل كبير ولذلك لم يلاحظ القارئ وجودها. مثال على ذلك هو كلمة "الله"، فكلمة الله ما هي الا تعبير او رمز لوصف الخالق او القوة العظمى التي تقف وراء كل شيء، فهنا لا حاجة للشاعر ان يصف الرموز برموز اخرى.
الكلمات المستخدمة واضحة بعيدة عن الرموز وتخلق تساؤلات مباشرة عند القارئ وتحثه على التفكير في حياته ومستقبله وربما تساعده ايضا في ايجاد اجوبة على بعض التساؤلات الوجودية. ان نبرة التساؤل في الكلمات ولازمة لست ادري تخلق مزاجاً خاصا في القصيدة مما يجعلها مختلفة وفريدة من نوعها في الشعر العربي.